الإثنين, ديسمبر 2, 2024
Google search engine
الرئيسيةمداراتكم تقبض في الثانية؟

كم تقبض في الثانية؟

د. بروين حبيب

اتّصل بي صديق إعلامي متابع جِدّي للرياضة وسألني مندهشاً: هل تعلمين أن اللاعب الفلاني يقبض في ساعة واحدة ما أقبضه في سنة كاملة، ويقبض في يومين فقط ما يعادل 30 سنة من عمري الوظيفي؛ أي من يوم بدأت العمل إلى يوم تقاعدي؟

وحتى لا أتركه يسترسل فيخبرني كم دخل هذا اللاعب في الثانية وأنا متأكدة أنه قد حسبها، سألته: وهل تعلم أنت أنّ صاحبك هذا يجلب للجهة التي يلعب لها إعلانات وعقود رعاية بمئات ملايين الدولارات تفوق راتبه الذي تقاضاه؟

أعتقد أن المقارنة السابقة غير صحيحة، فسوق العرض والطلب هو من يتحكّم بهذه الرواتب الخيالية، لكن الكثير من الناس لا يرون إلّا شخصاً يتسلّى بركل الكرة تُدفع له هذه المبالغ على هذا العمل الذي لا يفيد المجتمع برأيهم. ولكن الحقيقة في مكان آخر، فلعبة كرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبية في العالم وقاعدتها الجماهيرية هي الأضخم، وهذا يعني أن مليارات الدولارات تدور في فلكها، ناتجة عن عدد مشاهدي المباريات في التلفزيون أو من مبيعات التذاكر، بل هناك صناعة ضخمة قائمة حولها من قمصان وأحذية وقبعات وأعلام. ويكفي أن نلقي نظرة على أرقام حقوق البث التلفزيوني للبطولات الكبيرة مثل كأس العالم لنُكوّن فكرة عن حجم الأموال التي تدور في فلك هذه اللعبة.

والأمر مشابه للسينما مثلاً؛ ففيلم من ساعتين مثل فيلم «باربي» كلّف إنتاجه 150 مليون دولار، ولكن عائداته بعد أسبوعين فقط من عرضه تخطت المليار دولار، فيصبح من العبث أن نعتبر مبلغ الـ12 مليون دولار التي قبضتها مارغو روبي البطلة عن تمثيل الفيلم مبالغاً فيه.

وحتى تتضح لدينا الصورة أكثر، إن هذه النخبة من لاعبي كرة القدم الذين يقبضون هذه المبالغ الطائلة ليسوا سوى قلة من الملايين التي تحترف هذه الرياضة ورواتبها عادية جدّاً، مع ملاحظة أن العمر المهني للاعب كرة القدم قصير فهو يتقاعد في منتصف الثلاثينات، بل كثير منهم يعانون البطالة في ما بعد. فمن منظور مالي هذه الصفقات الضخمة هي استثمار يُسترجع وبسرعة من عقود الرعاية وحقوق البثّ وجلب الإعلانات ومبيع التذاكر والقمصان وغيرها.

وأحب أن أنظر إلى النصف الملآن من الكوب: ماذا لو استُغلّت هذه الشعبية الجارفة للاعبين النجوم في قضايا ترقى بالمجتمع، مثلما نفدت نسخ كتاب «فن اللامبالاة» بمجرد أن انتشرت صورة للاعب محمد صلاح يقرأه. وهذا ما يجب أن نفكر فيه بدل أن نستخرج الآلة الحاسبة كلما سمعنا عن صفقة جديدة لنتساءل بمرارة عن هذا اللاعب: كم يقبض في الثانية؟

أحب أن أنظر إلى النصف الملآن من الكوب: ماذا لو استُغلّت هذه الشعبية الجارفة للاعبين النجوم في قضايا ترقى بالمجتمع.

الإمارات اليوم 

المادة السابقة
المقالة القادمة
مقالات ذات صلة

اتركوه يرحل!

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شعبية

احدث التعليقات